(لابد أن تكون هناك برامج شاملة وواسعة في دائرة الأوقاف وباقي المؤسسات المعنية الأخرى، في مجال حفظ القرآن الكريم، خاصة وأن أحد الأخوة قد صرّح ـ في الليالي الماضية ـ بكلام صائب ونقطة مهمة حيث قال: لابد من ترغيب وتشجيع الأطفال على حفظ القرآن الكريم منذ السنين الأولى من أعمارهم، فالمفروض أن تعقدوا اجتماعاً وتتخذوا فيه الترتيبات اللازمة لتشجيع وترغيب الأطفال منذ الصغر، في المدارس الإبتدائية لحفظ القرآن الكريم.. بطبيعة الحال لا ينبغي استخدام أسلوب القسر والجبر في هذا الصدد، بل لابد أن تكون هناك منح وجوائز وإجراءات تشجيعية، فمثلاً يمكن إعطاء كذا جائزة لكل طالب في الإبتدائية يحفظ كذا آية أو سورة من القرآن وسيحصل على كذا نقاط إيجابية، إذا كان الطالب في الثانوية وبادر إلى حفظ كذا آية أو سورة من القرآن سيحرز على نقاط وامتيازات وجوائز دراسية لصالح علاماته في بعض الدروس وأنا شخصيّاً مستعد لدعم هذا المشروع من جميع الجهات.
لابد أن تأخذوا موضوع حفظ القرآن الكريم على محمل الجدّ، إذ أننا للأسف لم نتعامل مع هذا الموضوع بجدية كما ينبغي، دعونا نتقدم شيئاً ما بهذا الشأن في البلاد ونقوم بتطوير مشروع حفظ القرآن الكريم، عندها يمكننا أن نقوم بتسريح الجنود والضباط المكلّفين من الجيش وإعفائهم من خدمة العَلَم بسبب حفظهم للقرآن الكريم لأن خدمة العَلَم هنا تختلف كثيراً عما عليه الحال في الدول الأخرى، إذ أن خدمة العلم في إيران تعادل قراءة القرآن والجهاد في سبيل الله، لأن الجهاد في سبيل الله وقراءة القرآن، عدلان لا يفتران عن بعض.
بطبيعة الحال، حكومات الدول الأخرى تختلف عن حكومتنا، اختلاف الأرض مع السماء، إذ أن الحكومة هنا، هي حكومة القرآن ولهذا فخدمة العَلَم في إيران تعتبر جهاداً عقائدياً وهذا شيء متميز جداً. ومن هذا المنطلق، الأفضل هو أن نقول بأن المكلفين الحافظين للقرآن الكريم، سيحرزون المناصب القيادية في الجيش، وأنا بالذات بإمكاني أن أضمن ذلك فمن قام بحفظ القرآن من المكلفين، سأمنحه شخصياً نقاط متميزة، هذا هو الشيء المطلوب، لكننا يجب أن نتقدم في هذا المشروع شيئاً فشيئاً، على أي حال فإن قضية حفظ القرآن مطروحة على الطاولة ويمكن ترشيح موضوع الترقية في المراتب النظامية ـ بدل التسريح ـ لمن يحفظ القرآن الكريم. ثم بعد ذلك سيأتي دور الموسيقى والنغمات والألحان وما شاكل ذلك ومن المفروض أن نستفيد من ذلك في محله.
ويحلو لي في هذه الأمسية القرآنية الأخيرة من لقاءنا معكم أن نتمتع بتلاواتكم الجميلة، فأنا شخصيّاً سوف لا أتراجع عن استماع تلاوة الإخوة، فلنستمع الآن إلى ما تيسر من تلاوة الإخوة الأعزاء للذكر الحكيم(وبعد الإنتهاء من تلاوة القراء قال سماحته في نفس المجلس).
لقد استمتعنا بتلاوة الإخوة الكرام كثيراً، فنشكر الله عزوجل لأنه جعل قلوبنا والهة بالقرآن الكريم، حيث أن هذه الحالة تعتبر نعمة كبيرة من قبل رب العالمين، نحمد الله على هذه النعمة لأننا قد التذذنا بهذه التلاوات الطيبة لآي الذكر الحكيم، حيث أننا كنّا نأمل ونتمنى في عهد الطاغوت أن تنعقد مثل هذه الحفلات والمجالس والأجواء القرآنية في البلاد، ليتسنى لنا أن نستفيد من تلاوة أساتذة القراءة، لكن هذا لم يحصل في السابق ونحمد الله عزوجل حيث تيسّر هذا الآن ووفقنا الله لاستضافة هذا الجمع من الأساتذة الأعزاء، نحمد الله عزوجل على هداية الكثير من شبابنا نحو القرآن الكريم وهذه نعمة كبيرة جداً قد منّها الله علينا)[1].
(والجانب الآخر والمهم جداً هو حفظ القرآن الكريم. إخوتي الأعزاء! لماذا لم تقوموا أنتم القرّاء بحفظ القرآن؟ فأنتم الآن في مرحلة الشباب، أقسم بالله بأني فكرت ملياً، مراراً وتكراراً، قائلاً لنفسي، لو كان بالإمكان أن أضحي بكل شيء في سبيل الوصول إلى مرتبة حفظ القرآن الكريم؛ لكن يبدو ذلك عسيراً جداً بالنسبة لي للأسف، ففي مثل هذا العمر، ليس بإمكاني أن أحفظ القرآن؟؛ لكنكم في مرحلة الشباب ومقتبل العمر وبإمكانكم أن تباشروا بحفظ القرآن الكريم، إذ أن ذاكرتكم قوية وهي ذاكرة الشباب والناشئة، وحفظ القرآن الكريم لابد أن يكون في مثل هذه السنين وقبل الثلاثين ونحمد الله عزوجل بأن أغلبية قرائنا الأفاضل هم في هذه السنين التي تعتبر سنين حفظ القرآن الكريم، فاحفظوا الآيات الإلهية الكريمة وأقرؤوها عن ظهر القلب)[2].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] نقلاً عن كتاب (حديث الولاية)، ج6 ص 268 و 269.
[2] نفس المصدر، ج5، ص 34 و 35.
المصدر: مؤسسة قدر الولاية الثقافية