• التاريخ : الأحد 6 ذوالقعده 1433

نظام الجمهورية الإسلامية والإهتمام بالقرآن الكريم


           

 
 
 
(نحمد الله عزوجل، حيث أنه لا يوجد يوم في تاريخ إيران، كهذه الفترة وهذا العهد، لاستقرار الحكومة الإسلامية؛ حيث رفرفت راية القرآن على هذه الأرض؛ ثم أن العمل بالأحكام الإسلامية يعدّ من القيم والفضائل وكذلك القوانين في البلاد قد استنبطت من الإسلام والقرآن. ماذا نريد نحن بعد هذا؟
تُرى ما تلك النعمة الأكثر خيراً والأعظم مكانة من هذه النعمة! ما هي مسألتنا من الله بعد هذا كلّه؟ علينا أن نبذل قصارى جهدنا حتى نتمكن من الحفاظ على هذه النعمة القيمة والمنحة البديعة الرائعة التي ليس لها مثيل، لتبقى ذخراً لهذا الشعب، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا عن طريق السعي والمثابرة الخالصة)[1]
(إنّ الله يعرف هذا الشعب ويعلم خصائصه، حيث جعل أكبر وأضخم المسؤوليات على عاتقه، ألا وهي مسؤولية إحياء الإسلام والقرآن والقيم الإسلامية في جولة ثانية[2]، وحمداً لله عزوجل على نجاح هذا الشعب في مهمته ومسيرته هذه؛ لكننا لا زلنا في منتصف الطريق وعلينا أن نسعى ونثابر أكثر وأكثر)[3].
(لقد قام الأعداء بمحاولات كثيرة لإيجاد الإنفعال والإرتباك في المجتمع الإيراني وكانوا يتصورون بأن الإسلام قد ضعف وضئل في إيران، حيث كان لا يتجرأ المسلم من الإعتزاز بإسلامه، ولكن أنظروا ماذا حدث اليوم؟ أينما اجتمع نفر من المسلمين مع بعض ـ ولو كانوا أقلية ـ فإنهم يرفعون المصاحف فوق أيديهم ويعلنون بعزّ وفخر وبأعلى صوتهم بأننا مسلمون. أجل، هذه من نتائج الثورة الإسلامية التي فجرتموها أنتم وخطط لها الإمام الخميني الراحل(ره))[4]
(رفعت الجمهورية الإسلامية راية القرآن والإسلام، إذ أنّ الثورة وسماحة الإمام(ره) والشعب أعلنوا منذ البداية وقالوا بأننا لسنا من الذين يفصلون بين الدنيا والآخرة؛ كما كان يروّج أعداء الدين دائماً لذلك، من أن الدنيا منفصلة ومعزولة عن الآخرة، كلا! الدنيا والآخرة واحدة ولا يمكن فصلها عن بعض، فمثل هذه الدنيا تعتبر واجباً دينياً، وهذا ما أشار إليه الإسلام والثورة الإسلامية والشعب المسلم في إيران، منذ البداية).[5]
(هؤلاء الشباب الذين تشاهدونهم الآن وهم يعشقون القرآن وقد اندمجت حياتهم بالقرآن، لم يكونوا في زمن نظام الشاه هكذا، بل كانوا غافلين عن القرآن، لهذا يمكن القول بأنهم قد قطعوا شوطاً كبيراً في حياتهم، فوصلوا إلى ما وصلوا إليه اليوم وسيكون اهتمامنا إن شاء الله، هو الحفاظ على القرآن وقد أكدتُ للإخوة المسؤولين مراراً ليجعلوا هذا الموضوع نصب أعينهم)[6].
(المفروض أن يهتم به الشعب الإيراني وباقي المسلمين في العالم، بهذا الموضوع وهو أن عداء وكراهية معسكر الإستكبار مع إيران الإسلام اليوم، لم يكن إلا لأجل الإسلام، فهم يعادون الإسلام فيمارسون ضغوطهم ضد الجمهورية الإسلامية، إنهم يعادون إحياء القرآن الكريم ومن هذا المنطلق فهم يعادون الشعب الإيراني الشجاع بالذات وإنّ من واجب جميع الشعوب الإسلامية التي تتلهف إلى التضحية والحركة، أن تعدّ نفسها وتستعد لمواجهة تحديات أعداء الإسلام.
نحن كشعب مسلم في إيران نفخر ونعتز بأنفسنا من أجل هذه الحقيقة، لأننا أصبحنا موضع عداء وضغينة المستكبرين والمتجبرين في العالم وذلك للمضي في سبيل الله والإسلام والقرآن وشباننا يعتزون بأنفسهم لأنهم قد تواجدوا في جبهات الحرب المفروضة وقاتلوا الأعداء وعانوا المصائب والمصاعب من أجل الإسلام، فكل عناء ومصيبة إن كانت في سبيل الله ومن أجل الدفاع عن القيم الإسلامية والقرآن الكريم يعتبر حسنة: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ﴾[7], أجل هذا هو شعارنا، فإنّ ما كابده وعاناه الشعب الإيراني وتحمل الكربات من أجله، لم يكن إلاّ لله عزوجل ولهذا فنحن نعتز بهذه الصعوبات والمتاعب.
أما الحقيقة الواضحة الثانية، هي أن ما سيؤول إلى النجاح والفلاح والنصر المؤزر هو طريق الله عزوجل وقد أثبت التاريخ لنا هذه الحقيقة وكذلك فإن السيرة المعاصرة في الظروف الراهنة أيضاً قد أثبتت لنا ذلك، فنحن نصبر ونصمد ونقاوم في سبيل الله عزوجل ونعلم بأن النصر آت إثر هذا الصبر وهذه المقاومة إن شاء الله﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ﴾[8].
(وهناك شوق جارف إلى القرآن الكريم في كل بقعة من بقاع بلدنا ـ ولله الحمد ـ ونشكر الله لأن شبابنا وأطفالنا وجميع أفراد شعبنا مشتاقون إلى القرآن بكل وجودهم ومن صميم قلوبهم وقد استئنسوا بالقرآن من جهة القراءة والتجويد والفهم والفقه.
(ومما لا شك فيه أن المصالح الطويلة المدى للمجتمع الإسلامي لن تتحقق إلا في ظل الإسلام والقرآن. والإسلام والقرآن، هما وحدهما اللذان يقدران على ضمان المصالح الحقيقية للمسلمين، فيقران ويبسطان العدالة والمساواة ويلبيان الاحتياجات الواقعية لهم، إذ ليس بمقدور المدارس والمذاهب الأخرى أن تقوم بهذه المهمة أبداً، لأن التلبية الحقيقية لحياة البشر، لن تتحقق إلا عن طريق أحكام الله عزوجل وسيادة القيم الإسلامية).
(جاءت الثورة الإسلامية لتمنح الشعب الإيراني حياة طيبة، أجل تلك الحياة الطيبة التي يدعو إليها القرآن الكريم: ﴿فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾[9]، فهذه الحياة الطيبة هي النتيجة المطلوبة والهدف النهائي لهذه الثورة المباركة، الحياة الطيبة معناها هو أن يتمتع الناس بالجوانب المادية والحياة اليومية والرفاهية واستقرار واستتباب الأمن وكسب المعرفة والعلم والتعليم والعزّة السياسية والإستقلال الاقتصادي والازدهار المالي والاقتصادي، فمن الناحية الروحية والمعنوية يُنتظر أن ينمو الإنسان في هذا المجتمع النموذجي على نهج الإيمان والإلتزام بأحكام الله عزوجل ورعاية التقوى والورع، والتحلي بالأخلاق الإلهية السامية، هذه هي الحياة الطيبة)[10].
(إخوتي وأخواتي الأعزاء! إذا أراد شعب أن يعيش حراً ومستقلاً، وإذا أراد أن يعيش حياة يطالب بها القرآن والإسلام ويعتبرها جديرة بالإنسان المسلم، فعليه أن يجاهد ويثابر كثيراً. فليس بالإمكان أن نقوم بإعمار وتطوير البلاد بشكل يليق لشعب كبير ولا يمكن أن نقوم بتربية شعب على أساس ما يريده الله عزوجل منّا والإسلام والثقافة القرآنية، ولا يمكن تنفيذ ذلك بالكسل والفشل وإظهار المذلة والضعف والإنهيار وعن طريق التوسل بالخرافات والعقائد التافهة واللامبالاة بالنسبة للقيم الإسلامية السامية)[11].
(هل لاحظتم كيف اختار الإمام الخميني الكبير(ره) سبيلاً وأسلوباً، يشبه أسلوب الأنبياء والعباد الصالحين الذين قد اتصلوا بمصدر الغيب، في رسم معالم هذه الثورة وتشكيل النظام السياسي للبلاد على أساس هذه الثورة ـ أي تأسيس الحكومة ونظام الجمهورية الإسلامية ـ وذلك بفضل من جانب الباري عزوجل والتوجهات الإلهية الهادية. لم يحصل كل هذا إلاّ لأن الإمام(ره)، كان يحب القرآن وكان تلميذاً في مدرسة القرآن فقد كان مستأنساً بالقرآن الكريم وكان يستمد فكرته منه وكان القرآن بالنسبة له برنامج حياة، فالثورة الإسلامية تعتبر إحدى المعطيات والإنجازات الضخمة الرائعة التي تمخضت عن تلك الحقيقة القيمة)[12].
(في تلك الأيام، كان البعض يستعمل مصطلح(الديمقراطية) إلى جانب الجمهورية، فهي كلمة أجنبية تحمل معان مزدوجة، إذ أنّ الغربيين يدّعون الديمقراطية وكذلك الدول الإشتراكية وأوروبا الشرقية كانت هي الأخرى تتشدق بالديمقراطية آنذاك أيضاً، فقد أمست(الديمقراطية) كالموضة في العالم وذلك لتسمية الدول والنظم السياسية بالديمقراطية والدولة الديمقراطية لكذا حكومة، وفي إيران، إبان انتصار الثورة، كانت هناك بعض الفئات تصّر وتلحّ على إضافة كلمة (الديمقراطية) إلى جنب الجمهورية الإسلامية، في حين أن الموضوع لم يكن يقتصر على زيادة كلمة، بل كان هناك الكثير من الكلام والمواضيع التي ستظهر في الساحة فيما بعد ولهذا كان سماحة الإمام (ره) يرى كل ذلك بنظرته الثاقبة)[13].
(الإسلام الأغر قد أضاء لكم الطريق بالآيات القرآنية الباهرة التي تعتبر كشّافات نور قوية لتسيروا في هذا الطريق وقد خطوتم خطوات كبيرة وعملاقة وهناك أعداء يتربصون بكم. وإذا ما صممتم على السير في هذا الطريق كما فعلتم ذلك الآن وكنتم قادرين على ذلك ـ ولله الحمد ـ فبإمكانكم أن تواصلوا سيركم المبارك).
(وإذا أردتم أن تنتهجوا هذا الطريق، فهناك شروط أساسية لابد من إتباعها وهي أولاً: أن تحافظوا على وحدة الكلمة والإتحاد والتضامن وثانياً: أن لا تنفصلوا عن إرشادات وتوجيهات الإسلام والقرآن ـ ولو للحظة واحدة ـ فالإمام العزيز والكبير(ره) لم يكتف بإرشاد وهداية الناس أيام حياته، بل ترك وراءه هذه الوصية الثمينة القيّمة.
أولادي الأعزاء! لو نظرتم ملياً إلى وصية الإمام الراحل(ره)  ـ وأنا أوصيكم أيها الشباب أن تطالعوا هذه الوصية مراراً وتكراراً ـ عندها ستلاحظون بأن هناك نقطتين مضيئتين في جميع الكلام الموجودة في هذه الوصية، من أولها إلى آخرها، والنقطتان هي أولاً: التمسك بالإسلام والقيم الإسلامية ثم الاستفادة من توجيهات الإسلام التي توصلكم إلى مصدر السعادة وتظهر لكم معالم الطريق وثانياً الإتحاد والتضامن والتآخي بين المسلمين)[14].
(لم يعد القرآن الآن كتاباً مهجوراً في مجتمعنا، فالشباب والناشئة يتعلمون القرآن وآحاد الشعب يستأنسون بالقرآن، يرتبطون به ويستفيدون من معارفه، ثم الكثير من الأحكام الإسلامية تطبق في البلاد، ولقد تقدمنا إلى الإمام حسب استيعابنا وقابلياتنا وإمكاناتنا وتحسب عزمنا وإرادتنا، لكن ما قمنا به لم يعتبر نهاية الطريق، بطبيعة الحال لم يكن ذلك كل استيعاب الإسلام، فإذا أراد شعب أن يجزم عزمه وإذا جنّد المشفقون على هذا الشعب، أنفسهم للحركة العامة التي يقوم بها نحو اكتساب المعارف الإسلامية والحقائق الدينية، عندها سيحصلون على إنجاز زاهر، إلى حد يفوق الظن والتخمين للناس)[15]
(تتم إدارة الشعب والمجتمع ـ حسب منطق الإسلام ـ على طريق هداية الأنوار القرآنية والأحكام الإلهية، فالقوانين السماوية والإلهية للقرآن الكريم تكنّ احتراماً فائقاً للناس وهي محددة وواضحة؛ إذ أنّ الشعب هو الذي ينتخب ويأخذ بزمام الأمور في إدارة البلاد. سيادة الشعب هذه، تعتبر من أرقى أنواع السيادة الشعبية التي نشهدها اليوم في العالم لأن هذه السيادة لا تظهر إلا في إطار الأحكام والهداية الإلهية، فهي انتخابات شعبية، تسير صوب السبيل الصحيح حيث يتيسر للمجتمع ـ بواسطة القوانين السماوية المبراة من أي نقص أو عيب ـ أو يواصل مسيرته نحو الهدف)[16].
(إنّ ما يتميز به النظام الإسلامي هو أن هذا الإطار تشع منه الأحكام الإلهية المقدسة والقوانين القرآنية ونور الهداية الإلهية على قلوب وأعمال وأذهان الناس فتجعلهم في طريق الهداية، إذن فموضوع هداية وإرشاد الناس يعتبر أمراً هاماً للغاية حيث ينتهك ويتغافل عنه في النظم السياسية السائدة الآن في العالم ـ خاصة في النظم الغربية ـ والمقصود بهداية الشعب هو أنه لابد من إرشاد الناس إلى مناهل الفضيلة والخير وأن تكون هناك تلبية حقيقية نحو الفضائل الأخلاقية ولابد من إبعاد الرغبات الفاسدة والمفسدة عن الحياة الإجتماعية، تلك التي تذكر في بعض الأحيان وكأنها آراء وطلبات الشعب الحقيقية.
فأنتم تشاهدون وتسمعون في أغلب الأنظمة (الديمقراطية) الغربية، الكثير من الإعترافات الرسمية من قبل الدول والحكومات حول الانحرافات القذرة كالشذوذ الجنسي وأمثال ذلك كمطلب شعبي وإرادة جماهيرية! ثم أنها تأخذ صفة قانونية وشرعية ورسمية وحتى أنهم يسعون على نشر وإشاعة مثل هذه الرذائل وهذا يشير إلى تغييب العنصر المعنوي والهداية الإيمانية)[17]
(لقد ظهر، في العالم اليوم نظام يرتكز على أساس التوجيهات القرآنية والهداية الإسلامية، ويسعى لبسط العدالة لجميع الناس من دون استثناء ويعلن بصراحة بأنه يعارض الظلم ولا يتساوم معه، فالإسلام قد رفع راية، تقدر على تلبية جميع الطموحات الإنسانية في ظل هذا الدين، وهي اليوم قد رفعت في نظام الجمهورية الإسلامية خفّاقة. والذين يعارضون هذا النظام، هم نفس العناصر التي كانت تعارض دعوة الأنبياء على مدى التاريخ، وكان موقفهم مع الصلحاء والمصلحين هو المعارضة والمشاكسة الفكرية. جميع أركان هذا النظام يسعى لتحقيق نفس الطموحات وقواته العسكرية أيضاً في نفس المسير والمسار. فشبابنا النظاميون اليوم، يتمتعون بقوة الشباب وبارتداء زيّ العزة والهيبة النظامية وبالمحبة والشعبية الكبيرة التي يتمتعون بها ـ جرّاء البسالة التي أبدوها خلال الحرب المفروضة ـ بين شعبنا، حيث أن الشعب يكنّ احتراماً كبيراً لذلك الجهاد وتلك البطولات، خاصة وأن هذه القوى العسكرية إلى جانب كل ذلك فهي تنتهج طريق التقوى والورع والإلتزام بالدين ويعتبر كل هذا من واجبنا وهذا شيء مهم وقيم للغاية)[18].
(نحن وجميع الإنسانية اليوم نسير باتجاه التدين والتحلّي بمعاني وقيم هذه البعثة النبويّة الشريفة ونحن في الجمهورية الإسلامية نفخر بأننا من جملة الأفراد والشعوب التي اتخذت شعار تحقيق وتطبيق الدين والعمل بالقرآن في معترك الحياة ونطمح إلى الذروة والكمال في هذا المسار، فنحن فخورون لأننا قد تعرفنا على الحقيقة ورأيناها بأمّ أعيننا ونعتز بها لأننا قد عشقنا هذه الحقيقة ونفخر بها لأننا بدأنا سيرنا باتجاهها وقد تقدمنا إلى الإمام في خطوات كبيرة، والمفروض على جميع الإنسانية وجميع العالم أن ينتهج نفس الطريق الذي سلكناه وسينتج ذلك لا محالة)[19].
(نحن ندافع عن حركة التوعية واليقظة في كل أرجاء العالم ونؤيد جميع المسلمين على وجه البسيطة، الذين يرغبون للعودة إلى ثقافتهم الإسلامية، لأن ذلك من حقهم، فإن ما نسمعه اليوم في العالم لم يكن على وتيرة واحدة، إذ أنّ الشعارات لا تشير إلى حقيقة واحدة، فالحكم بصدد شؤون المسلمين في العالم، لم يكن حكماً واحداً بالنسبة للجميع، لكن الذي نحترمه نحن، هو عودة المسلمين إلى الإسلام، فمن حق المسلمين في العالم اليوم أن يوقروا الإسلام ويعتزوا بالقرآن الكريم وسيوقرون ويعتزون به أكثر فأكثر وسيعودون إلى الحياة الإسلامية الكريمة إن شاء الله وسوف لن تنفع المحاولات المستميتة وسياسات القمع والإبادة للمستكبرين أبداً)[20].
(الإسلام اليوم في حالة تقدم باهر نحو المستقبل الزاهر وتعتبر هذه الخطوة من معجزات الإسلام والقرآن، لأن المؤامرات ضد الإسلام ـ خاصة في العقد الأخير ـ وكذلك الإعلام المعادي للإسلام والأموال الطائلة التي تنفق في هذا المجال، كانت ولازالت هائلة وضخمة إلى درجة أنه لا يعتقد أن نجد ما يناظرها لمواجهة أية فكرة أو عقيدة أخرى في نفس المدة، بصدد ما يحاك ضد الإسلام من تبليغ وعداء ومواجهات مخربة)[21].
(هذا العصر، هو عصر القرآن، لأن الإنسانية قد جرّبت نظريات فاشلة كثيرة خلال قرون اليقظة والإزدهار والرقي وبعد أن أصابها الإحباط واليأس في رسم نظام ناجح لحياة إنسانية كريمة تلائم فطرته السليمة وتتناسب مع التنمية الهائلة والتقدم العلمي المذهل، حيث أن السبل المتشعبة عادت لتصبّ في صراط التوحيد والدين رويداً رويداً وقد حان زمن بلوغ ونضج الإنسان شيئاً فشيئاً وقد نسيه في عصر الغطرسة العلمية والغفلة الروحية عند بدء الإزدهار العلمي، فهو الآن يبحث عنه من جديد ويتزامن ذلك مع فترة قد اعتلى فيها الدين سرير القدرة في بقعة من بقاع هذا العالم وعن طريق ثورة مجيدة، عظيمة وفريدة من نوعها، وهي تقوم الآن بإدارة وقيادة أمور الملايين من الناس.
إذن فاليوم قد سنحت فرصة ذهبية تأريخية، لأن القرآن الكريم بإمكانه اليوم أن يقوم بإدارة وهداية أفكار وأعمال الناس ولابد من تبيين ذلك، وهذا بطبيعة الحال يتوقف على وصولنا إلى المنهل الفيّاض للمعارف والهداية القرآنية، أي أننا لابد أن نتفهم القرآن ونتدبر آياته وأن نجعله محوراً وركيزة لبحوثنا ودراساتنا ثم نتعمق في مضامينه العميقة.
أما الواقع المرّ فهو أن القرآن لم يصبح الآن أمراً عامّاً ورائجاً في مجتمعنا، صحيح أن الكل يعشق القرآن ويكنّ له الإحترام، لكن هناك فئة قليلة تقوم بتلاوة القرآن بصورة مستمرة وفئة قليلة جداً تتأمل وتتدبر في آياته.
ولتدارك هذه النقيصة والإنتكاسة، لابد أن نقوم ببعض الأعمال؛ وكخطوة أولى: هي أن يتعرّف الشباب والناشئة على نصّ القرآن وترجمته ليتسنى لهم فرصة تذوق هذا الشراب السائغ المنعش.. وهو ما ينطبق على هذا الإجراء الذي تقومون به، أنتم الآن)[22].
(إنّ الإمام الراحل (ره) بجهاده وهجرته التي تضع المؤمنين في إطار الولاية الإلهية، نال مصداقية الآية الكريمة: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ﴾[23]، فهو عندما يستقبل المخاطر والأهوال ويقدم نفسه فدائياً في سبيل الله، فلقد أصبح في عداد من مدحهم الباري عزوجل بقوله:﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ﴾[24]، فهو بنهضته التاريخية في سبيل الله وسعيه وجهاده المنقطع النظير لإقامة القسط والعدل وإنقاذ المستضعفين من نير الظلم والإجحاف، قد أوجد تلبية يمكن الإعتزاز بها كنداء: ﴿كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ﴾[25] وكذلك: ﴿كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ﴾[26] وقد أظهر غضبه واستياءه وبرائته من المشركين والكفار العنودين وأعلن تعاطفه وحبه بالنسبة للمسلمين، في كل أرجاء العالم فأصبح سماحته(ره) عينة كاملة لهذه الآية: ﴿أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ﴾[27]، فهو عن طريق تهجده ونجواه وتضرعه الخاص لله عزوجل، أصبح من الذين قال القرآن الكريم في حقهم: ﴿عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا﴾[28]، فلقد كان، (رحمه الله) آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر ومجاهداً في سبيل الله وقد قطع اتصاله مع أي شيء أو أحد آخر، يحول دون وصله وحبه للحق عزوجل والفناء في ذات الباري تعالى وقد أصبح رمزاً لهذه الآية: ﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾[29].
فنحن قد عاهدنا الله عزوجل لمتابعة مسيرة الإمام الخميني(أعلى الله قدره) والتي تعتبر طريق الإسلام والقرآن وطريق عزّة المسلمين، فسياسة (لا شرقية ولا غربية) والدفاع عن المستضعفين والمضطهدين ودعم الوحدة وحركة الأمة الإسلامية العظيمة والتغلب على الإختلافات وفُرقة المسلمين في كل أرجاء العالم والجهاد من أجل إنشاء المدينة الإسلامية الفاضلة والتركيز على الإنحياز والدفاع عن الطبقات المحرومة وأصحاب الأكواخ الحقيرة وتوظيف جميع العوامل والإمكانات لإعادة بناء البلاد على المستوى الداخلي، هذه هي الخطوط العريضة التي تشكل مخططنا الشامل وبرنامجنا الواسع، والهدف من كل هذا هو إحياء الإسلام مجدداً والعودة للقيم القرآنية ثانية ونحن بدورنا، سوف لن نتراجع عن هذه الأهداف قيد أنملة أبداً)[30].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] نقلاً عن كتاب(حديث الولاية) ، ج5، ص 42.
[2] لأن الإيرانيين قد ساهموا في إثراء وتعميق النهضة العلمية والأدبية والدينية بشكل واسع وكبير في الإسلام بعد دخوله إلى إيران في المرة الأولى.
[3] نقلاً عن كتاب (حديث الولاية)، ج5، ص 99.
[4] نفس المصدر، ج6، ص 221.
[5] نفس المصدر، ج7، ص 64.
[6] نفس المصدر، ص 82.
[7] التوبة:120.
[8] نفس المصدر،( ص 136 و 137). الحج، الآية: 40.
[9] النحل:97
[10] في أول يوم للزيارة التي قام بها قائد الثورة الإسلامية لمدينة(ساري) في 22/7/1374هـ.ش(14/9/1995م).
[11] نفس المصدر.
[12] كلمة للقائد في اجتماع عظيم وحاشد بصحن المرقد الشريف للإمام الراحل(ره) في تاريخ 14/3/1376هـ.ش(4/4/1997م).
[13] نفس المصدر.
[14] كلمة للقائد (حفظه الله) بين جمع غفير من المواطنين في مدينة (آمل) بتاريخ 21/3/1377هـ.ش(10/6/1998م).
[15] في كلمة ألقاها قائد الثورة الإسلامية بين مسؤولي الجمهورية الإسلامية بمناسبة ذكرى عيد البعثة النبوية بتاريخ 26/8/1377هـ.ش، 17/10/1998م.
[16] كلمة للقائد المعظم بعد ترشيح حكم رئيس الجمهورية خاتمي بتاريخ 11/5/1380هـ.ش، 2/7/2001م.
[17] نفس المصدر.
[18] كلمة للقائد المعظّم في جامعة الإمام علي عليه السلام للضباط، بتاريخ 3/9/1380هـ.ش(24/11/2001م).
[19] نقلاً عن كتاب(حديث الولاية)، ج3، ص 282، 283.
[20] نفس المصدر، ص 262.
[21] نفس المصدر، ص 12 و 13.
[22] نقلاً عن كتاب (حديث الولاية)، ج2، ص 217، و 218.
[23] الأنفال:72.
[24] البقرة: 207.
[25] المائدة: 8.
[26] النساء:135.
[27] الفتح:29.
[28] الإسراء: 79.
[29] المجادلة:22.
[30] نفس المصدر ( حديث الولاية)، ج1، ص 230.
 
 
 
المصدر: مؤسسة قدر الولاية الثقافية




Copyright © 2009 The AhlulBayt World Assembly . All right reserved